الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

ثلاثة أشهر في الفيسبوك! - الحلقة الرابعة


الحلقة الرابعة

لم أستغرب أبدًا عندما سمعت عن فوز شركة الفيسبوك بالمركز الأول من حيث مستوى رضى الموظفين و راحتهم و سعادتهم في مكان العمل، و ذلك بحسب التقييم السنوي الثالث الذي تجريه شركة الباب الزجاجي glassdoor.com المختصة بتقصي و جمع معلومات عن الشركات و ترتيبها في قاعدة بيانات و توفيرها للمهتمين.

فبيئة العمل في الفيسبوك لا توفر للموظفين الراحة المادية فحسب، و إنما تهيء لهم كذلك جواً نفسياً فريداً مليء بالمحفزات يجعل كل موظف في الشركة و كأنه قنبلة انشطارية متسلسلة!

لم أشعر أبداً بضغط العمل، أو بأي درجة من الضيق او الضجر، أو أن أتمنى مثلاً أن يمر الوقت سريعاً و ينتهي وقت الدوام ... لم يكن هناك وقت محدد للدوام أصلاً حتى أنتظر انتهاءه.

لم أكن مضطراً لأن أجلس إلى مكتبي المخصص لي  طيلة وقت العمل، فهناك مكاتب أخرى لا يجلس إليها أحد و متواجدة في اماكن مختلفة من المبنى و المباني الأخرى، و يمكن لأي أحد أن يذهب ليجلس إليها و يعمل من هناك، و بعض هذه المكاتب كان موضوعاً في غرف معزولة لمن يفضل أن يعمل في جو هادئ لبعض الوقت.

كنت ألجأ إلى تغيير مكان العمل كلما شعرت بالحاجة إلى التفكير في إيجاد حل مختلف و جديد لجزئية من جزئيات العمل. كنت أشعر أن تغيير المكان يساعد في فتح آفاق جديدة للتفكير. 

و كنت كثيراً كذلك ما أحمل جهاز اللابتوب و أذهب إلى أحد أماكن الراحة و الاستجمام حيث أتمكن من الاسترخاء و الاستلقاء و العمل بهذه الوضعية من هناك.

أما إذا أحببت الخروج كلياً من جو العمل لتحريك العضلات و تجديد النشاط، كنت أتوجه إلى اللعب. فالشركة فيها مرافق متعددة للألعاب الرياضية و الذهنية و الترفيهية.



و التنقل في الفيسبوك أمر سهل جداً، فللتنقل بين المباني المتباعدة توجد باصات تتحرك باستمرار و على مدار الساعة تقل الموظفين و الزوار مجاناً.  أما التنقل داخل المباني فأمره عجيب، إذ يوجد في كل مبنى العشرات من الزلاجات (سكيت) التي يستخدمها الموظفون للتنقل السريع و الممتع!  كان المشهد مضحكاً بالنسبة لي، فبين وقت و آخر و انا جالس إلى مكتبي أرى أحد الزملاء منطلقاً بسرعة على زلاجة نحو الكافيتيريا أو غرفة اجتماعات أو دورة المياه!  

و لكني للأسف لم أكن اجيد استخدام هذه الزلاجات. حاولت مرتين و فشلت في الحفاظ على توازني، فأعلنت اليأس و توقفت عن المحاولة، و قررت الاكتفاء بركوب رجلي و أنا اتمثل قول العقاد في أبياته الجميلة: 

انا راكب رجــــــــلي *** فلا أمرٌ عليَّ و لا ضريبة
و كذاك راكب رأســه *** في هذه الدنـيــا العجيبــة!


و لم تبخل الشركة علينا بتوفير الترفيه و المتعة خارج مباني الشركة و خارج إطار العمل، و ذلك من خلال تنظيم رحلات و برامج ترفيهية غاية في الروعة. فبين مغامرات في جزيرة ألكاتراز الصغيرة في وسط خليج سانفرانسيسكو، و عشاء و برنامج ترفيهي على سطح يخت يقطع الخليج و يمر من تحت جسر البوابة الذهبية الشهير، و تعليم تجديف القوارب و الإبحار في سانتا كروز على شاطئ المحيط الهادي، و رحلات استكشافية في أحراش جبلية مجاورة، و غيرها الكثير! تجارب لا يمكن أن أنساها أبداً و لا يمكن أن أنسى كيف كانت تتضاعف همتي في العمل عشرات المرات بعد كل نشاط!




كان فريقنا - Data Science Team - يجتمع كل يوم جمعة في أحد غرف الاجتماعات، و كان ينضم إلينا عبر الفيديو كونفرنس بقية أعضاء الفريق المتواجدون في مدينة سياتل في ولاية واشنطن. و غرف الاجتماعات في الشركة كثيرة و مجهزة تجهيزاً تاماً. 

أكثر ما يلفت الانتباه في قاعات التدريب و غرف الاجتماعات في الفيسبوك هو أسماؤها! فكلها أسماء غريبة و مجنونة،  فمنها مثلاً ما يحمل أسماء أطعمة كقاعة "صلصة Salsa" و قاعة "حمص Hummus"، و منها ما يحمل أسماء ألعاب رياضية كـ ping-pong، و منها ما يحمل أسماء دول ككندا، إلى آخره من الأسماء العجيبة.  

الذي علمته فيما بعد هو أن تسمية القاعات يتولاها موظفو الشركة جميعهم من خلال ترشيح أسماء ثم التصويت عليها باستخدام برنامج داخلي أعد لهذا الغرض!



بالإضافة إلى الاجتماع الذي يضم كل الفريق، كنت أجتمع مع مديري المباشر بشكل منفرد يوم الأربعاء من كل أسبوع.  في أول اجتماع تم بيننا - و كان ذلك في الأسبوع الأول - شرح لي طبيعة العمل و المهام المطلوبة مني، و المشروع الذي يجب أن أنجزه خلال الصيف. ثم في نهاية الاجتماع قال لي: ابدأ بالعمل فوراً و دعنا نرى أول إضافة ترفعها إلى الموقع يوم الجمعة!!!  نعم .. كان يقصد يوم الجمعة من نفس الأسبوع!  بمعنى أنه كان يتوقع مني أن أُنجز شيئاً قابل لإضافته إلى الموقع خلال يومين فقط!

لم أكن مندهشاً و لا مصدوماً في الحقيقة، ففي أثناء البرنامج الترحيبي تعلمنا أن العمل في الفيسبوك يقوم على مجموعة من القيم التي يسعى الجميع داخل الشركة إلى تحقيقها بكل قوة.  أول و أهم هذه القيم هي : Move Fast And Break Things!  أو تحرك سريعاً و لو أدى ذلك إلى تعطيل الموقع.  و من القيم الأخرى:  Be Brave  و  Done is Better Than Perfect وغيرها.

هل تذكرون ورقة الترحيب التي وجدتها تنتظرني على مكتبي في أول يوم وصلت فيه إلى 1601؟  كانت تلك الورقة مذيلة في نهايتها ب Move Fast and Break Things، و كنت أرى هذه العبارة حولي كلما التفت و أينما ذهبت، فهي و غيرها من القيم مكتوبة على كل جدار تقريباً من جدران المبنى، و تجدها في الممرات، و في داخل غرف الاجتماعات، و في الكافتيريا و في المطابخ، و حتى في دورات المياه!




دون أن أشعر وجدت نفسي قد تبرمجت تلقائياً وفق هذه القيم و تبنيتها بالكامل و بدأت أبذل الوسع لتحقيقها بإرادة ذاتية و دون ضغط أو متابعة من أحد! و كان هذا حال جميع الزملاء!

فلا تعجب إن أخبرتك أن هناك من الموظفين من يعمل عشر ساعات يومياً، و منهم (و هم كثر) من يبات في الشركة بالأيام، و كثيرون كذلك يعملون في عطلة نهاية الأسبوع! لاحظ أن كل هذا يحصل بالرغم من أن الدوام غير إلزامي و لا توجد مواعيد محددة للدوام! 

كنا نعشق المكان ليس فقط لما فيه من الرفاهية و توفر كل أسباب الراحة، و إنما كذلك لإشباع رغبة جامحة في الاستجابة لنداء "كن شجاعاً" و "تحرك بسرعة" و "أنجز"! تلك النداءات التي نجحت في تفجير الطاقات و جعلت الانغماس و الذوبان في العمل قمة المتعة و غاية السعادة و التلذذ!

كل هذا جميل و رائع و يأسر الألباب و القلوب، و لكن ..... 

كنت في معظم الأيام أذهب إلى العمل قرابة الساعة التاسعة صباحاً و أدخل من الباب الرئيسي ل 1601 و أمكث في العمل حتى الساعة السادسة أو السابعة مساءً. 

في أحد أيام الأسبوع الثاني، و من فرط النشاط و الإقبال على العمل، خرجت مبكراً جداً - قرابة الساعة السابعة صباحاً. 

وصلت... فوجدت مرآب السيارات شبه فارغ إلا من سيارات معدودة ( و هو عادةً ما يكون مكتظ و بالكاد أجد مكاناً لأوقف فيه سيارتي).  دخلت المرآب حتى وصلت إلى خلف المبنى، و أوقفت السيارة بجانب أحد الأبواب الخلفية التي تؤدي مباشرة إلى قبو المبنى و ليس إلى الطابق الذي اعتدت الدخول منه. و كانت هذه أول مرة أدخل المبنى من هذا المكان.

وصلت إلى الباب .... أخرجت بطاقتي الممغنطة و مررتها بجوار وحدة الأمان المثبتة على يمين الباب...  فانفتح الباب فوراً ... دخلت مسرعاً... كان المكان معتماً بعض الشيء و لم يكن في الداخل أحد... و لم أكن أعرف بالتحديد في أي اتجاه يجب أن أتحرك لأصل للطابق العلوي حيث يتواجد مكتبي،  فالمبنى كبير و لم أكن حينها أعرف تقسيماته أو ممراته و أدراجه...

تقدمت في الممر إلى الأمام نحو بهوٍ واسعٍ يبدو فيه من بعيد بعض المكاتب و الشاشات الكبيرة.  و ما أن وصلت إلى نهاية الممر حتى كانت المفاجأة المذهلة الصادمة!

رأيت معلقاً في السقف علم كبير يشبه العلم المصري تماماً غير أن النسر المرسوم في وسطه  استبدل بصقر، و مكتوب تحت الصقر بخط كبير "اتحاد الجمهوريات العربية"  هكذا باللغة العربية !!!!!

ما أن رأيت ما رأيته حتى تسمرت في مكاني، و ذُهلت، و تعجبت، و مرت في رأسي مليون فكرة و مليون سؤال في ثانية واحدة!

يتبع....


تنويه و تنصل: أنا هنا أروي تجربتي في الفيسبوك على شكل حكايات مضاف إليها حبكة درامية و مقطعة على حلقات بهدف التشويق و الامتاع. و لا يحق لأحد أن يقوم  بتحويل أي شيء أكتبه هنا إلى أخبار صحفية، أو كتابة أي خبر صحفي بناءً على  هذه الحلقات،  و لا يحق لأحد أن يعيد نشر الحلقات في أي وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني آخر دون إذن صريح وواضح و مباشر مني و قبل إطلاعي على محتوى ما سيتم نشره.

الخميس، 22 سبتمبر 2011

ثلاثة أشهر في الفيسبوك! - الحلقة الثالثة


1601
الحلقة الثالثة: الفيسبوك من الداخل

المبنى رقم 4 في شارع "بيج ميل" الذي عقد فيه اللقاء الترحيبي و تلقينا فيه التدريب كان جميلاً و مريحاً و قضينا فيه وقتاً ممتعًا للغاية، و كنت حتى تلك اللحظة أشعر بالانبهار من روعة و جمال المكان، و لكن عندما انتقلنا إلى المبنى 1601 في شارع "كاليفورنيا" الموازي "لبيج ميل" و بمجرد دخولي من الباب الرئيسي عرفت أن المغامرة و المتعة الحقيقية لم تكن قد بدأت بعد!

دخلت المبنى من بابه الرئيسي، و بعد أن اجتزت ردهة الاستقبال فاجأتني على يميني و أنا داخل  Wall! و لكنها هذه المرة حقيقية و حية و مليئة بالمنشورات:
The Facebook Wall

و الأعجب من هذه ال Wall هي قصتها التي عرفتها فيما بعد، فقد جاء بفكرة هذا الجدار أحد الموظفين. قام بنفسه و دون استشارة أو إخبار أحد بطباعة The Facebook Wall ... Write Something، ثم علقها بنفسه خلال عطلة نهاية الأسبوع دون أن يستأذن أحد ، و وضع بضعة أقلام ملونة بجانب الجدار، فأصبح كل من يزور المبنى يتوقف عند الجدار و يكتب شيئاً!

لم يكن هذا الجدار سوى أولى المفاجآت، المفاجأة الأكبر كانت عندما وصلت إلى نهاية الممر القصير المجاور للحائط و دخلت إلى ما يفترض أن يكون مكان غرف الموظفين. العجيب أنه في كل هذا المبنى الطويل العريض لم يكن هناك ولا أية غرفة واحدة خاصة بموظف... الشركة كلها ليس فيها أي مكاتب منفصلة أو منعزلة، الجميع يجلس في بهو فسيح جداً بجوار بعضهم لا تفصلهم جدران لا إسمنتية و لا خشبية و لا حتى زجاجية ... للوهلة الأولى تشعر أنك في سوق شعبي مليء بالحركة و الحياة ... أو كأنك في خلية نحل حقيقية ترى فيها حركة نشطة دائبة و تسمع فيها دوي متصل. 

جانب من مكان العمل 

فهمت فيما بعد أن هناك فلسفة هامة تقف وراء اختيار هذا التصميم لبيئة العمل، الفكرة باختصار أن الفيسبوك موقع تواصل اجتماعي، و أحد أهداف الشركة الرئيسية هو جعل العالم أكثر اتصالاً، و جعل الناس أكثر قرباً و أكثر احتكاكاً. و حتى يستطيع موظفو الشركة أن يعملوا بقوة لتحقيق هذه الغاية لابد أن يعيشوها هم بأنفسهم في كل دقيقة و كل لحظة.

للوهلة الأولى شعرت بالانزعاج و الفوضى و التشتت، و لكني سرعان ما وجدت نفسي أنسجم و ألتحم مع هذه البيئة و أعشقها.

الكل يعرف الكل، و الكل يعرف كل شيء تقريباً عن كل شيء، ففي كل دقيقة تسمع اثنين أو ثلاثة يتناقشون هنا أو هناك حول فكرة أو مشكلة أو تحدي قد يكون في مجال عملك أو في مجال مختلف كلياً، و لكنك تستفيد في كل الأحوال فقط بمجرد الاستماع، و تشعر بالانتماء لكل جزء و كل تفصيلة من أجزاء و تفصيلات العمل.  تصميم إبداعي و خلاق، و بيئة عمل مفعمة "بالاجتماعية" و تنبض بالحياة!

بعضكم بالتأكيد  يتساءل عن الخصوصية التي ربما يفضلها البعض أثناء العمل. و الجواب ببساطة أن من يحتاج الخصوصية كان يحصل بمجرد الطلب على قدر "أظنه كافٍ" منها... بسهولة...  و إبداع:

إبداع في توفير الخصوصية!

لم أكن أعرف بالتحديد مكان مكتبي الذي سأجلس إليه، فجلست في إحدى الزوايا المخصصة للاستراحة و الاسترخاء، و أخرجت جهاز اللابتوب من الحقيبة و قمت بفتح إحدى صفحات الفيسبوك الداخلية التي لا يراها إلا الموظفون. تحتوي تلك الصفحة على خريطة تفاعلية لمباني و أقسام الشركة، يمكن من خلالها البحث بسرعة لإيجاد مكان جلوس أي موظف و جدول عمله و مواعيده اليومية و غيرها من المعلومات الهامة للعمل. بحثت فوجدت مكان جلوسي في أقل من نصف دقيقة.



لما وصلت المكتب المخصص لي وجدت ورقة موضوعة عليه مكتوبٌ فيها بخط كبير: "أصدقاؤك في الفيسبوك يرحبون بك". كان المكتب جديداً لم يستخدمه أحد قبلي و المقعد كذلك، و كان كل شيٍء مجهزًا: شاشة كبيرة مقاس 30 بوصة، و كيبورد، و ماوس، و مكان مخصص لوضع اللابتوب. كل الكوابل كانت موصلة و مرتبة بشكل أنيق، و إعدادات الشاشة كانت مضبوطة، لم يكن علي سوى أن أضع جهاز اللابتوب في مكانه و أبدأ العمل.

قمت بتشغيل الجهاز بسرعة و فتحت إيميل العمل، فوجدت رسالة ترحيب أخرى، و وجدت أيضاً رسالة تخبرني بأن هناك خبراء استشارييون متخصصون في ضبط جلسة الموظف حتى تكون جلسة صحية و مريحة متوفرون، و أن بإمكاني الاتصال بهم فوراً للقدوم و تقديم نصائح لي حول ارتفاع المكتب و ارتفاع المقعد و المسافة بين مكان جلوسي و بين الشاشة إلى غيره من الأمور اللازمة لضمان الراحة و السلامة الصحية.

و كان من عجائب ما رأيته في الشركة هو أن عدد ليس بالقليل من الموظفين يفضلون العمل وقوفاً! نعم ... يتم رفع مكاتبهم إلى مستوىً مرتفع بحيث يبقى الموظف واقفاً طوال فترة العمل. كان زميلي الذي يعمل أمامي مباشرة أحد هؤلاء، و كنت أتعجب كيف يصبر طوال ساعات العمل لا يجلس بالمرة!



كان المشرف المباشر علي يجلس بجانبي مباشرةً، و كان مدير الفريق يجلس إلى المكتب الذي يليه. يفصل بين كل واحد و الآخر نصف متر على الأكثر. 

سألت مشرفي المباشر: ما هي مواعيد العمل الرسمية؟  فأجابني: لا توجد مواعيد عمل رسمية!  فكررت السؤال بعد تعديله: ما هي مواعيد العمل المتعارف عليها أو المفضلة؟  فأجابني: لا توجد أي مواعيد عمل لا رسمية و لا عرفية و لا مفضلة، كل موظف يأتي في الوقت الذي يريد و يغادر في الوقت الذي يريد. بل إن الدوام في الشركة بحد ذاته ليس إلزامياً!

و لم يكن كلامه فيه أي مبالغة، بل كان عين الواقع، فقد كان مدير الفريق مثلاً يأتي في الغالب الساعة الثامنة، و يغادر نحو الخامسة أو السادسة، في حين أن مشرفي المباشر كان يأتي الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة أو حتى الواحدة ظهراً و يغادر في وقت متأخر من الليل. و قد رأيت هذا التباين في حال كل الموظفين.. ففي كل لحظة تجد أن ثمة أحد داخل الشركة يعمل، بل إن هناك أشخاص يفضلون العمل ليلاً، يأتون عصراً و لا يغادرون إلا بعد منتصف الليل بساعات.

للوهلة الأولى قد تعتقد أن هذا تسيب و فوضى، و أنه و الحال هذه يكون من الصعب ضبط سير العمل و التأكد من انضباط الموظفين. و لكن سرعان ما تكتشف أن الصورة مغايرة تماماً، فعدم وجود إلزام بالدوام و لا بالمواعيد قد جعل التركيز الأكبر و الأهم يكون على الانجاز و أداء المهام.  فلو كان الدوام الزامياً بمواعيد محددة لاعتقد الموظف أنه بمجرد تواجده في أوقات الدوام قد أدى جزءاً كبيراً من المهمة المطلوبة منه، أما عندما يتم التغاضي عن هذا المتطلب، يصبح التركيز الأكبر على الانجاز وحده. في هذه الحالة يربح الجميع: الموظف يربح شعوره بالحرية و المرونة و القدرة على الموازنة بين متطلبات عمله و متطلبات حياته الشخصية، و تربح الشركة عندما يصبح هم الموظفين منصباً على الانجاز!

لما جاء وقت الظهيرة توجهت إلى الكافتيرا لتناول طعام الغداء، و الشركة تقدم للموظفين ثلاث وجبات مجانية: فطور و غداء و عشاء.  يستمر تقديم الإفطار من الساعة 8 و حتى الساعة 10 صباحاً، أما الغداء فمن الساعة 12 و حتى الساعة 2 ظهراً، ثم العشاء من الساعة 5 و حتى الساعة 7 مساءً. في كل وجبة يتم إعداد بوفيه مفتوح فيه مختلف أنواع الأطعمة و المشروبات و الحلويات، و في كل يوم يتم تقديم أصناف مختلفة من بلدان مختلفة، فمرة يتم تقديم طعام صيني و مرة هندي و مرة عربي و مرة مكسيسكي و مرة إيطالي، إلى آخره من شتى أصناف الأطعمة المختلفة.

إلى جانب الوجبات يوجد في كل ركن من أركان المبنى مطبخ صغير مفتوح، متوفر فيه على مدار 24 ساعة مشروبات باردة و ساخنة و فواكه كالموز و الخوخ و الفراولة و المشمش و التفاح و غيرها، و أنواع مختلفة من الشيكولاطة و المكسرات و السندويتشات السريعة و الحلويات و المعلبات و غيرها الكثير... كل ذلك مقدم بالمجان و بكميات غير محدودة!


عجائب 1601 لم تنته بعد!  كنت أعرف قبل أن أبدأ الكتابة هذا اليوم أن حلقة واحدة لن تكفي لإتمام وصف كل جوانب هذا المكان الجميل. و لذلك سأتوقف هنا الآن.

في الجزء الأول من الحلقة القادمة سوف أواصل وصف بيئة العمل من الداخل، و سأركز أكثر على الروح العامة السائدة داخل الشركة، و على الإيحاءات البارزة في مكان العمل التي تحفز على البذل و الانجاز و الإبداع.

في الجزء الثاني سوف أحدثكم عن شيء غريب اكتشفته بالصدفة المحضة في قبو 1601 في منتصف الأسبوع الثاني من العمل فأصابني بالذهول و الدهشة و كثير من الحيرة و شيء من القلق و التوجس!

تنويه و تنصل: أنا هنا أروي تجربتي في الفيسبوك على شكل حكايات مضاف إليها حبكة درامية و مقطعة على حلقات بهدف التشويق و الامتاع. و لا يحق لأحد أن يقوم  بتحويل أي شيء أكتبه هنا إلى أخبار صحفية، أو كتابة أي خبر صحفي بناءً على  هذه الحلقات،  و لا يحق لأحد أن يعيد نشر الحلقات في أي وسيلة إعلامية دون إذن صريح وواضح و مباشر مني و قبل إطلاعي على محتوى ما سيتم نشره.

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

ثلاثة أشهر في الفيسبوك - الحلقة الثانية


رابط المقدمة و الحلقة الأولى


الحلقة الثانية:  اليوم الأول!

في مساء يوم الجمعة 20 مايو وصلت برفقة العائلة إلى مطار مدينة سان هوزيه ثالث أكبر مدن ولاية كاليفورنيا، و عاصمة وادي السيليكون الشهير الذي يقع جنوب خليج سان فرانسيسكو. تعد هذه المنطقة من أكثر مناطق أمريكا شهرةً و ثراًء و ازدحاماً و اكتظاظاً سكانياً و غلاء!  فهي تستضيف مقرات كبرى شركات التكنولوجيا العالمية كإنتل و ياهو و جوجل و سيسكو و إتش بي و أوراكل و أبل و أدوبي و غيرها الكثير من شركات التكنولوجيا المعروفة عالمياً.  أما مقر الفيسبوك فهو في قلب وادي السيليكون في مدينة بالو ألتو حيث جامعة ستانفورد العريقة.

أول أيام العمل كان يوم الاثنين 23 مايو، و كان مخصصاً بطوله للترحيب بالطلبة المتدربين و الموظفين الجدد، و لتعريفهم بالشركة و فلسلفتها و قيمها و أخلاقيات و قوانين العمل فيها، و لتحفيزهم على العمل و الانجاز و الإبداع و التأثير!

انطلقت في الساعة السابعة صباحاً من مكان إقامتي المؤقت في ضيافة أحد الأخوة الأعزاء في مدينة سنيفيل نحو بالو ألتو. كانت الشوارع مزدحمة جداً كالعادة، فالحركة هنا تكون نشطة جدا منذ وقت مبكر جداً من النهار و لا تهدأ إلا مع غروب الشمس!  و على الرغم من الازدحام إلا أنني كنت مستمتعاً بمشاهدة جمال الطبيعة حيث تلتقي الجبال الشامخة التي تتخلل قممها غيوم بيضاء ناصعة مع السهول الخضراء الخلابة، مع مياه الخليج و الأودية المائية الصغيرة.



و لم أشعر بضيق و لا بضجر عندما علقت في اختناق مروري بجوار شارع ناسا، إذ كنت أتسلى بمشاهدة مقر أبحاث وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، و على مقربة منها على الطرف الآخر من الشارع أحد مقرات شركة مايكروسوفت العملاقة.
أحد مباني ناسا!

مقر مايكروسوفت - وادي السيليكون

وصلت إلى مقر الفيسبوك، و اتجهت إلى المبنى رقم 4 بحسب التعليمات. دخلت القاعة المخصصة لبرنامج الاستقبال و التدريب، فوجدت ما يقارب 400 طالب مثلي قدموا من ولايات أمريكية مختلفة و من دول أخرى ككندا و الهند و ماليزيا و مصر و لبنان و بعض دول الاتحاد الأوروبي، كلهم استضافتهم الشركة للتدريب و العمل في مكاتبها خلال الصيف!

كان المكان مرتباً جدا، و لا يحتاج الإنسان إلى كثير من الوقت ولا إلى دقة ملاحظة ليستنتج  أن الفريق القائم على إعداد برنامج الاستقبال قد قام بعمله على أتم ما يمكن.

فبمجرد أن دخلت القاعة أسرع أحدهم نحوي ليستقبلني، و يرشدني إلى مقعد و طاولة كان مكتوباً عليها اسمي، و على الطاولة جهاز ماك بوك جديد بمواصفات فائقة، و جهاز أي فون جديد مدفوع التكاليف بالكامل، و حقيبة فاخرة، و دفتر، و قلم، و قميص عليه شعار الشركة!

كان المكان مزوداً بشتى صنوف المشروبات الساخنة و الباردة، و شتى أشكال الحلوى و الشوكلاتة المنوعة و ألعاب مختلفة مسلية.

بدأ البرنامج بفقرة قصيرة تم خلالها تعريفنا بكيفية إنشاء حسابات داخلية، و كيفية الدخول إلى الشبكة، و غيرها من الأمور الفنية الأساسية.

الفقرات التالية كانت غاية في الامتاع، و كانت كلها تهدف إلى تفجير قنبلة ذرية تحفيزية (نعم قنبلة ذرية بكل ما في الكلمة من معنى) في نفس كل واحد منا، لتدفعه بقوة نحو العمل و الانجاز و إحداث أثر. 

تنوعت الفقرات بين مشاهدة مقاطع فيديو توثيقية، و كلمات لمتحدثين من موظفي و مديري الشركة، و نقاشات مفتوحة.

كانت الرسالة الأساسية التي حاولت كل الفقرات التركيز عليها هي "الأثر - Impact" الكبير للشركة في حياة الناس اليومية في كافة أرجاء العالم، و كيف أن كل واحد منا سيحدث تغييرات سوف يشاهدها مئات الملايين من البشر من مختلف الأجناس و الأعراق.

و كان مثال الثورة المصرية حاضراً في كل فقرة تقريباً، فلا أذكر أن أحداً من المتحدثين بمن فيهم عريف البرنامج قد غادر المنصة دون أن يذكر الثورة المصرية كمثال حي و بارز على أثر الفيسبوك في إحداث التغيير.

و كانت أكثر الكلمات حماسة و تحفيز هي كلمة Chris Cox  مدير المنتجات في الشركة، و هو شاب في مقتبل العمر من مواليد 1982! و هو من الرعيل الأول في الشركة و ممن حضروا أيام التأسيس. تحدث كريس عن تاريخ الشركة القصير و عن قفزاتها السريعة و صعودها المفاجئ الذي فاجأهم هم قبل أي أحدٍ آخر، و عرج قليلاً على فيلم (الشبكة الاجتماعية) فقال أنه مليء بالمغالطات و الأخطاء دون أن يذكر تفاصيل. 

Chris Cox

ثم تحدث بإسهاب عن الأثر العالمي للفيسبوك، و نموه و انتشاره السريع، و تغلغله في العالم... و كغيره من المتحدثين توقف عند الثورة المصرية، و كيف كان أثر الفيسبوك واضحاً فيها، و ذكر أن العديد من الاتصالات من مصادر متعددة كانت تصلهم تسألهم: هل أنتم تحركون ما يجري في مصر؟ هل أنتم من دبر الثورة؟ فكانوا يجيبون بالنفي في كل مرة. ثم بين كم كانت دهشتهم عظيمة و هم يشاهدون بأعينهم كيف أن موقع إلكتروني أنشأوه منذ سنوات قليلة فقط و دون أن يخطر ببالهم أن يكون له هذا الانتشار الكبير و السريع، اندهشوا كيف أنه أصبح اليوم أداة رئيسية استخدمها الثوار و المقهورون لتغيير نظام حكم و إعادة رسم مستقبل بلد بل منطقة بأكملها! سأعود للحديث عن الثورات العربية لاحقاً في سياق أكثر إثارة و غرابة! و لكن دعونا نتابع تسلسل الأحداث.

كل هذا جرى في اليوم الأول داخل قاعة الاستقبال في المبنى رقم 4. تبعه تدريب تقني مكثف في نفس المكان و لمدة يومين آخريين على أدوات الشركة الداخلية و برامجها. 

في اليوم الرابع انتقلنا إلى المبنى الرئيسي الضخم المشهور باسم 1601 و الذي يتواجد فيه أغلب المهندسين.

في الحلقة القادمة سوف أحدثكم عن عجائب 1601 و بيئة العمل الغريبة التي تبنتها الشركة على خلاف كل ما أعرفه من الشركات الأخرى... الجميع يستغرب من هذه البيئة حتى مصمميها:
Is this a Technology Company?

تنويه و تنصل: أنا هنا أروي تجربتي في الفيسبوك على شكل حكايات مضاف إليها حبكة درامية و مقطعة على حلقات بهدف التشويق و الامتاع. و لا يحق لأحد أن يقوم  بتحويل أي شيء أكتبه هنا إلى أخبار صحفية، أو كتابة أي خبر صحفي بناءً على  هذه الحلقات،  و لا يحق لأحد أن يعيد نشر الحلقات في أي وسيلة إعلامية دون إذن صريح وواضح و مباشر مني و قبل إطلاعي على محتوى ما سيتم نشره.

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

ثلاثة أشهر في الفيسبوك!



أتيحت لي الفرصة في الصيف الماضي (2011) للعمل في شركة الفيسبوك، و الالتحاق بفريق عملها الذي يضم قرابة 3000 موظف أكثرهم من المهندسين. و قد ألح عليَّ العديد من الأصدقاء و الزملاء أن أكتب عن تجربتي، و أن أشارك معهم حكايات و مشاهدات و فوائد هذه التجربة.  

أتفهم بشدة هذا الطلب و ذلك الإلحاح، فموقع الفيسبوك أصبح محط الأنظار و العقول (و ربما القلوب!) في العالم عامةً و في عالمنا العربي خاصة، ينظر إليه الكثير من الناس بعين الإعجاب، كما ينظر إليه آخرون بعين الخوف و التوجس! و الجميع يريد أن يتعرف على الشركة التي تديره عن قرب، و أن يكتشف السر وراء صعودها السريع.

عبر سلسلة من التدوينات القصيرة سوف أنقل لكم خلاصة تجربتي، و أحكي لكم حكايات مثيرة و مدهشة و عجيبة عن الفيسبوك، أتمنى أن تكون مفيدة و ممتعة كذلك. و قبل أن أبدأ، دعوني أعرض عليكم بعض العناوين التي سأتحدث عنها خلال السلسلة:


  • الطريق إلى الفيسبوك.
  • اليوم الأول، يوم الثورة المصرية!
  • شركة بلا مكاتب!
  • كل شيء بالمجان!
  • العمل وقوفاً!
  • غرفة إدارة و تحريك الثوارت العربية!
  • من يستطيع أن يصل إلى معلوماتك الشخصية و ينتهك خصوصيتك؟
  • في ضيافة مارك زكربيرج!
  • الجزء الخفي من موقع الفيسبوك!
  • جوجل+!
  • .... و غيرها الكثير!

الحلقة الأولى: في الفيسبوك بالصدفة!

لم أكن قد خططت لتقديم طلب عمل في الفيسبوك و لا قصدت ذلك. كل ذلك حصل بالصدفة.

في بداية كل فصل دراسي تقوم الجامعة التي أدرس فيها (كغيرها من الجامعات هنا في أمريكا) بتخصيص يوم تستضيف فيه الشركات التي تبحث عن طلبة لتوظيفهم للعمل مؤقتاً خلال فترة الصيف، أو خريجين مرتقبين لاستقطابهم لفرص عمل دائمة بعد التخرج.

في ذلك اليوم ذهبت بدافع الفضول إلى حيث تجمعت الشركات لألقي نظرة على ما يجري هناك، و لم أكن قد طبعت سيرتي الذاتية، و لا لبست بدلة رسمية كما يفعل الطلبة الباحثين عن فرص عمل. كان ذلك في آخر اليوم و قبل ثلث ساعة فقط من مغادرة الشركات.

و عندما مررت بجوار الركن المخصص للفيسبوك كانت إحدى مندوبات الفيسبوك تتحدث لأحد الطلبة المهتمين عن الشركة، و عن فرص العمل المتوفرة لديهم، فوقفت أستمع من بعيد، فلاحظت الموظفة وجودي و انصاتي، فعرضت عليّ الانضمام للحوار ففعلت، و في نهاية حديثها طلبت منا سيرنا الذاتية إذا كنا مهتمين بالتقدم لوظيفة مؤقتة، فقام الطالب الثاني بإخراج ورقة من ملف كان يحمله و أعطاها إياها، أما أنا فاعتذرت لأني لم أكن مستعداً، و لأن سيرتي الذاتية لم تكن معي، فتهفمت الموقف و اقترحت علي أن أرسلها عبر الإيميل. و بالفعل في اليوم التالي مباشرةً أرسلت سيرتي الذاتية كما طُلب مني.

و بعد أسبوع تقريباً وصلتني من الفيسبوك دعوة لمقابلة توظيف، منذ اللحظة الأولى شعرت بارتياح للأمر و لم أتردد في قبول الدعوة.

 تم عقد المقابلات في مكتبة الجامعة، و كانت المقابلة بواقع جولتين على مدار يومين (خميس و جمعة). في الجولة الأولى كانت مدة المقابلة 30 دقيقة و غلب عليها الطابع التقني، إذ كانت أغلب الأسئلة تطلب صياغة خوارزمية لحل مشكلة معينة.

تخطيت بفضل الله الجولة الأولى، و انتقلت إلى الجولة الثانية. هذه المرة كانت مدة المقابلة 45 دقيقة و كانت أسئلتها منوعة ما بين أسئلة عامة عن الاهتمامات الأكاديمية و مجال البحث، و تبادل بعض الأفكار و الآراء عن الفيسبوك، ثم أسئلة برمجية كما كان في الجولة الأولى. 

كنت أتوقع أن تصلني النتيجة خلال أسبوع على الأكثر، و لكن هذا لم يحصل، فمر الأسبوع الأول، ثم الأسبوع الثاني، ثم الأسبوع الثالث دون أن يصلني أي رد سواءً بالإيجاب أو السلب، مع أني سمعت من بعض الطلبة الآخرين الذين شاركوا في المقابلات أنهم استلموا نتائج مقابلاتهم منذ الأسبوع الأول. انتابني بعض القلق، ثم تحول هذا القلق إلى اطمئنان عندما عرفت أن كل من وصلهم رد في الأسبوع الأول كان الرد سلبيياً.

بعد انتهاء الأسبوع الثالث دون وصول أي رد، قررت أن أرسل رسالة أسأل فيها عن حالة طلبي، و عن نتائج المقابلة، فجاءني الرد في نفس اليوم بأن النتائج كانت إيجابية، و أن عرض العمل الرسمي سيصلني بالإيميل في نهاية اليوم، ثم يصلني مطبوعاً بالبريد إلى عنوان البيت خلال يومين!

و من هنا بدأت الرحلة مع الفيسبوك!

في التدوينة القادمة سوف أخبركم عن اليوم الأول في الفيسبوك، و عن الذي قاله لنا مدير المنتجات في الشركة عن الثورة المصرية و عن علاقة الفيسبوك بها!



تنويه و تنصل: أنا هنا أروي تجربتي في الفيسبوك على شكل حكايات مضاف إليها حبكة درامية و مقطعة على حلقات بهدف التشويق و الامتاع. و لا يحق لأحد أن يقوم  بتحويل أي شيء أكتبه هنا إلى أخبار صحفية، أو كتابة أي خبر صحفي بناءً على  هذه الحلقات،  و لا يحق لأحد أن يعيد نشر الحلقات في أي وسيلة إعلامية دون إذن صريح وواضح و مباشر مني و قبل إطلاعي على محتوى ما سيتم نشره.

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011

فيلم وثائقي "يجب" نشره و تعميمه و تقليده

عندما شاهدت هذا الفيديو لأول مرة شعرت بأنني أخيراً وجدت ضالتي التي كنت أبحث عنها منذ سنوات. كم نحن حقاً مقصرون في التعريف بهويتنا و حقيقة القيم العظيمة التي نحمل. يبدو أننا هُزمنا داخلياً لدرجة أننا قبلنا التهم و التشنيعات التي ألحقت بنا زوراً و بهتاناً، إن لم نكن قبلنها بالإقرار، فقد قبلناها بالسكوت و التقاعس عن ردها و دفعها.

أعتقد أن الوقت قد جاء لننطلق و نتحرك لنوضح و نبين حقيقة ديننا و ثقافتنا و قيمنا.  نريد عشرات من أمثال هذا الفيلم و بلغات متعددة، نريد أن نترجم هذا الفيلم إلى لغات متعددة. نريد أن ننشره و أمثاله من خلال الإيميلات و منتديات الحوار و الشبكات الإجتماعية ووسائل الإعلام الجديد، نريد أن نكتب مقالات و أن نرسم كاريكوتيورات و أن ننتج أفلام رسوم متحركة و أن نبرمج ألعاب .. إلخ .. كل ذلك لمعاكسة الدعاية السيئة و التشويه المتعمد الذي تعرضنا و مازلنا نتعرض له.

كل التحية لمؤسسة جذور القائمة على إنتاج هذا الفيلم، و خالص التقدير للأستاذ فاضل سليمان صاحب الباع الطويل في تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام في الغرب و بين المسلمين أنفسهم.