الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

ثلاثة أشهر في الفيسبوك! - الحلقة الخامسة






أكتب مقدمة هذه الحلقة  و أنا أجلس على ارتفاع 33 ألف قدم فوق سطح الأرض، في المقعد رقم 31C على متن طائرة البوينج التابعة لشركة دلتا كبرى شركات الطيران في العالم، و المتجهة من مطار سياتل في ولاية واشنطن نحو مطار ديترويت في ولاية ميشيجان. و لهذه الرحلة قصة أخرى قد أقصها عليكم في وقت لاحق إن شاء الله.  

أما الآن فدعونا نعود إلى الأرض، إلى ولاية كاليفورنيا، إلى عمق وادي السيليكون، و بالتحديد إلى قبو شركة فيسبوك حيث توقفنا في الحلقة الماضية عند مشهد مُثير و غريب و مُريب.

إذ لما دخلت باب القبو، و بعد أن قطعت الممر القصير ووصلت إلى الردهة الرئيسية، وجدت علماً ضخماً يشبه العلم المصري بالضبط، باستثناء أن النسر المعروف قد استبدل بصقر، و كُتب تحت الصقر بحروفٍ عربيةٍ واضحةٍ و كبيرة : "اتحاد الجمهوريات العربية" هكذا مرةً واحدة.





أذهلني هذا المشهد، و انتصبت في مكاني كأنني نخلة لعدة ثواني، و مرت في رأسي ألف فكرة و مليون تساؤل. إلا أن الفكرة التي سيطرت عليًّ معظم تلك اللحظات القصيرة هي أن الأقدار قد قادتني إلى اكتشاف غرفة سرية يتم من خلالها إدارة أو توجيه الثورات العربية بطريقةٍ أو بأخرى!

و لكن التناقض الواضح بين المشهد الذي أراه و بين الحال الذي أتوقعه لو سلمت بأن هناك توجيه أو إدارة للثورات أوقعني في حيرة لا حدود لها. ذلك أن العلم يحمل بوضوح شعار الوحدة العربية التي هي حلم كل عربي غيور، و لم أكن أبداً أتوقع أن شركة أمريكية صاعدة كالفيسبوك قد تكون جعلت هذه الوحدة من أهدافها وخصصت لها مكاناً سرياً و جندت لها موظفين!

هل الوحدة العربية أصبحت شيئاً سيئاً فتبنوه هم؟؟ أم دبت فيهم هم نخوة عروبية فأصبحت هي (أي الوحدة العربية) من أهدافهم؟؟ لا هذه ممكنة و لا تلك معقولة!

لم أحتمل البقاء في المكان، و خشيت أن يأتيَ أحدٌ فيضبطني في مكانٍ لا ينبغي لي التواجد فيه...

تلفتت حولي بسرعة باحثاً عن مخرج، فوجدت سلماً يقود إلى الطابق الأول.  صعدت السلم بسرعة و قطعت عدة ممرات دون وعي، حتى وجدت نفسي في النهاية أمام باب الكافتيريا التي اعتدت تناول الطعام فيها. و وجدت طريقي من هناك إلى مكان عملي. 



مكثت بعدها عدة أيام و الحيرة تلفني و الشكوك تكاد تقتلني، و تنتابني رغبة جامحة في إيجاد تفسير لذلك المشهد....

 في منتصف اليوم الرابع بعد تلك الحادثة قررت مغادرة المبنى، و الالتفاف وراءه و الدخول من ذلك الباب الذي يؤدي مباشرة إلى القبو.

لما وصلت ذلك الباب وجدت هذه المرة أحد رجال الأمن يقف لحراسة الباب (كما هو الحال مع كل أبواب الشركة الأخرى)، ألقيت التحية على الحارس لأختبر إن كان سيمنعني من الدخول أم لا..

 فلما  لم يعترض،  قمت بتمرير بطاقتي الممغنطة فانفتح الباب فوراً، دخلت و قطعت الممر ووصلت إلى الردهة فوجدت العلم على حاله معلقاً كما كان...  إلا أن المكان كان هذه المرة يعج بالأشخاص...

 أول شخص قابلته في وجهي، و كان يقف تحت العلم مباشرةً كان شاباً عربياً من لبنان!

قبل أن أسأله عن أي شيء آخر سارعت بسؤاله عن العلم الذي فوق رأسي و رأسه، و إن كان يعرف شيئاً عنه و ما الذي جاء به إلى هنا. فكأنه عرف ما في نفسي و ما دار فيها من ظنون، فأخبرني مبتسماً أن الموظف الذي يجلس أمامه مباشرة مصري، و أنه لما انطلقت الثورة المصرية التهبت حماسته فبادر و أحضر هذا العلم و قام بتعليقه،  و بطبيعة الحال فإن الشركة تحرص على أن يشعر الموظف و كأنه في بيته فلا يتدخل أحد فيما يضعه الموظف أو يعلقه فوق أو بجوار مكتبه.

فهمت بعد ذلك أن ذلك الجزء من المبنى مخصص لفريق التدويل (Internationalization team) المختص بتطوير خصائص الموقع التي تضمن إمكانية عرض الموقع بلغات مختلفة من كافة دول العالم، مع مراعاة احتياجات كل لغة كاتجاه الكتابة و ترميز الحروف و محاذاة النصوص و غيرها من التفصيلات الدقيقة و المعقدة!


و بالتالي فإن وجود أعلام للدول في ذلك المكان ليس غريباً و لا شاذاً وفقاً لطبيعة العمل الذي يؤديه الموظفون هناك.


أما بعد...


حتى الآن لم أحدثكم عن مارك زكربيرج مؤسس و مدير الشركة، ذلك الشاب الأعجوبة، أصغر أغنياء العالم سناً.


سأحدثكم في المرة القادمة عن مارك، و عن الجوانب المدهشة في شخصيته التي أراها سبباً مباشراً يقف وراء نجاحه الباهر في حياته المهنية برغم حداثة سنه و قلة خبرته.


سأحدثكم كذلك عن اللقاء الذي جمعني بمارك في حديقة منزله عندما لبيت دعوته لزيارة بيته الجديد يوم الأربعاء في مدينة منلوبارك.








تنويه و تنصل: أنا هنا أروي تجربتي في الفيسبوك على شكل حكايات مضاف إليها حبكة درامية و مقطعة على حلقات بهدف التشويق و الامتاع. و لا يحق لأحد أن يقوم  بتحويل أي شيء أكتبه هنا إلى أخبار صحفية، أو كتابة أي خبر صحفي بناءً على  هذه الحلقات،  و لا يحق لأحد أن يعيد نشر الحلقات في أي وسيلة إعلامية أو موقع إلكتروني آخر دون إذن صريح وواضح و مباشر مني و قبل إطلاعي على محتوى ما سيتم نشره.

هناك 10 تعليقات:

  1. رائع جدا ً
    انا فخور فيك وبمعرفتك أمجد :)

    ردحذف
  2. شكراً على تعليقك الرقيق يا محمد .. و أنا أشد فخراً بمعرفتك.

    ردحذف
  3. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  4. اتابع حلقاتك بشغف اخي أمجد .. بوركت وزادك الله من فضله.. أخوك taha nada

    ردحذف
  5. انت هيك يا بشهمندس بتزيد إعجابنا بهذه الشركة اللي ما كنا نعرف عنها سوى القليل .. فعلاً تجربة رائعة صرت أتمنى أن أحظى بمثلها في المستقبل.

    شكراً لإبداعك :)

    ردحذف
  6. اتابع حلقاتك ومذكراتك الشيقة بكل شغف أخي العزيز أمجد :) وكل عام وانتم بخير.

    ردحذف
  7. أسلوب السرد لديك جدا جميل .. و النهاية مشوقة :)

    لو عنجد صحي ضمير الأمريكان قبل ضمائرنا و قرروا يوحدوا ما فرقوه .. بتقوم القيامة مثلا ؟

    ردحذف
  8. أحمد العجرمي و أحمد غراب .. شكراً لمتابعتكم و تعليقاتكم الجميلة.
    أخت هديل شكراً على مرورك و تعليقك الطيب. المثل بيقول : الحداية ما بتحدفش كتاكيت :) فما ظنيت ييجي اليوم اللي نشوف فيه الغرب حريص على الوحدة العربية ...

    ردحذف
  9. تحياتي امجد (تجربه رائعه واسلوب مشوق)

    ردحذف
  10. نتمنى أن تحدثنا عن التقنيات البرمجية المستخدمة ونُظم التشغيل، وماهو حجم فريق البحث والتطوير R&D

    ردحذف