الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

علمتني الحياة 19: بين التحفيز و التخطيط

علمتني الحياة ان ما يصلح للتحفيز و رفع الهمم ... لا يصلح بالضرورة للتخطيط ووضع البرامج ...
فلئن كانت المناداة بمعاني التضحية و الفداء و الشجاعة و الثقة بانتصار الحق تصلح لتحفيز الذات و الآخرين و رفع الهمم و الإعانة على الصبر و الثبات... فإنها لا تصلح بتاتاً أن تكون مرتكزاً للتخطيط أو صياغة البرامج التنفيذية أو اتخاذ القرار ...
لا يصح إطلاقاً أن تكون خطة الانتصار -مثلاً- مبنيةً على فرضية أن الصواب سيسود و أن الحق سينتصر في النهاية دون أن يتوفر من المعطيات المادية الملموسة ما يرجح احتمالات النصر في المعركة التي يجري التخطيط لها ...
علمتني الحياة أن الشجاعة لا يصلح أبداً أن تكون هي الدافع و المعتمد لخوض المعارك ابتداءً، و أنها لا تعدو أن تكون عاملاً مساعداً على الثبات و التفوق النفسي على الخصم حال احتدام المعركة .... أما قرار خوض المعركة من عدمه فإنما تحكمه -قبل أي شيء آخر- الحسابات المنطقية و المعادلات الواقعية و ما يقوله علم الاحتمالات في شأن النصر من عدمه ...
قال أحدهم لمعاوية بن أبي سفيان زمن خلافته: لقد أعياني يا أمير المؤمنين أن أعرف أشجاعٌ أنت أم جبان؟ فأجابه: شجاعٌ إذا ما أمكنتني فرصةٌ، و إن لم تكن لي فرصةٌ فجبانُ!
الرأي قبل شجاعة الشجعان ::: هو أولٌ و هي المحل الثاني
قإن هما اجتمعا لنفسٍ حـرةٍ ::: نالت من العليــاء كل مكــانِ
و موازين الإيمان القرآنية اتفقت تماماً مع هذا المعنى ... فكانت معادلة الانتصار في أحد أهم محاورها عددية بحتة "الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين" ... و ليس أكثر من ذلك ...
و "سيف الله المسلول" فاز بلقبه يوم أن نجح في الانسحاب ... و ليس لأنه انتصر ...
علمتني الحياة أن القدرة على التفريق بين وسائل و معاني التحفيز و أدوات و معطيات التخطيط هي أحد أهم متطلبات الخروج من أحلام النجاح الوهمية إلى حقائق النتائج الواقعية ... بحلوها و مرها ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق