الخميس، 12 يوليو 2012

خواطر على طريق النهضة: 3- هل يقف؟

هذه الخاطرة الثالثة من مجموعة خواطر نثرية أدبية كتبتها منذ 6 أعوام تحكي قصة رمزية لأحد صناع الحياة جلس دهراً طويلاً في بيت السلبية و النكوص، و بعد أن التذع قلبه لحال وطنه و أمته قرر أن ينهض و ينتفض و يخرج من سلبيته إلى طريق الإيجابية و صناعة الحياة و النهضة. 

الخاطرة الأولى كانت بعنوان "المفتاح"  و رسالتها الأساسية أن أول خطوة في طريق العمل لأجل نهضة الأوطان هي عقد نية خالصة لا تخالطها مصالح شخصية أو مطامع دنيوية أو حظوظ نفس.

الخاطرة الثانية كانت بعنوان "غذ روحك .. و اكتمل" و رسالتها أن العمل لأجل النهضة يحتاج إلى زاد و تكوين إيماني و علمي و مهاري و جسماني متكامل.

الحلقة الثالثة: هل يقف؟




المفتاح رهن القبضة... الزاد يملاً الجراب... قدم صانع الحياة الواثق على أول الطريق... نفسه تلتهب شوقاً للنهضة.... و روحه تتوق إلى طريق المعالي...  

هاهو يسرج خيل همته ... و يمتطى صهوة عزيمته ... و يأخذ بزمام إرادته ... ينبؤنا عن حاله المشبوب صانع نيسابور "مسلم" صاحب الصحيح ... فيما يرويه عن إمام الصانعين -صلى الله عليه و سلم- : 

( من خير معاش الناس رجلٌ : آخذٌ بعنان فرسه ، يطير على متنه ، كلما سمع هيعة أو فزعة طار إليها)


صيحات الأوطان تئن... صرخات المستضعفين يستغيثون... نداءات المخلصين يستصرخون ... أصواتٌ ملأت سمع الصانع و قلبه ... فطار و روحه على كفه .. طار و قد وهب لله نفسه... طار و هو يستذكر تلك الكلمات الخالدة التي سطرها ابن الجوزي في "المدهش" يوم أن قال :  ( أول قدم في الطريق : بذل الروح ... هذه الجادة ، فأين السالك ؟ )  أجاب صانع الحياة: أنا لها ...أنا السالك!

إذا القوم قالوا مَن فتًى خِلت أني  *** عُنيتُ فلم أكسل و لم أتبلد

إنها معادلة العطاء و الفناء... يفهمها الصانع و يحفظها عن ظهر قلب ... فطريق النهضة طريق البذل ... طريق عطاءٍ بلا أخذ .... طريق إنفاق النفس ...و انفاق ما بعد النفس ! ... ( طريق نصب فيه آدم ، و ناح لأجله نوح ، و ألقي في النار إبراهيم ، و بيع يوسف بثمن بخس ، و نشر بالمناشير زكريا، و ذبح الحصور يحيي ، و ضني بالبلاء أيوب ، و عالج الفقر محمد ...) 
إنها معادلة الفناء و التلف في الدنيا ... ثم الكرامة و الشرف في الآخرة ... معادلة :

أجدر الناس بالكرامة عبدٌ *** تلفت نفسه ليسلم دينه 

حياة صانع الحياة باتت وقفاً على أمته... و أيامه غدت نذراً لنهضتها و رفعتها و تقدمها... فلأمته ترخص الروح ... و تهون النفس ...و تقدم ثواني العمر قرابين ... 

بهذا الإقدام الهاجم ... و بهذه الهمة العلية ... و بتلك النفس الأبية ... انطلق الصانع ... و خطا خطواته نحو النهضة ...
و قبل أن يجاوز صانعنا الباب، و يوغل في الطريق، ترك لمن بعده من أجيال الصانعين اللاحقين وصيتان و إعلان خطهم بمداد من عرق على صحائف من نور و علقهم جميعاً على الباب:

الوصية الأولى: 

العـهد أولـه اتبــاعٌ صــــــــــــادقٌ *** و عليه بالإخلاص خير وشــــــــاح
هذا هو المفتاح فـــاعرف ســـــره *** و ابدأ دروب الشوق بالمفتــــــــــاح

الوصية الثانية: 

كن رابط الجأش و ارفع راية الأمل **** و سر إلى الله في جدٍ بلا هزل
و إن شعرت بنقصٍ فيك تعرفـــــــه **** فغـذ روحك بالقرآن و اكتمــل

أما الإعلان فمفاده: 

يعلن صانع الحياة لإخوانه من بعده أنه: 

بدأ المسير إلى الهدف *** و الحر في عزمٍ زحف 

و الحر إن بدأ المسير *** فلــن يكـل و لـن يقـــف 


لا .. لن يقف 



و إلى لقاء قادم مع الحلقة الرابعة بعنوان: ارفع راية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق