الأربعاء، 26 مارس 2014

علمتني الحياة 15: استثمار ناجح و ربح أكيد


علمتني الحياة أن أنجح التجارات و أربح الاستثمارات هي تلك التي يُنفق فيها الجهد و يُبذل فيها الوقت في خدمة الناس و قضاء حوائجهم و القيام على أمورهم !

و كلامي هذا بريءٌ من المجاز، فأنا أقصد التجارة و الاستثمار بمعناهما الحقيقي كما عند أهل الأسواق ... و أنا أعني ما أقول!
إذ أن من يتجر بماله إنما يفعل ذلك طلباً لسعادةٍ و سترٍ و راحة بالٍ و رغد عيشٍ تؤمنها له أرباح التجارة في الغالب.
فإن كان هذا حقاً هو المبتغى فإن السعادة و الراحة النفسية و حالة الرغد الروحي التي يظفر بها من ينفق وقته في خدمة الناس لا يمكن أن يحتويها وصفٌ أو أن يحدها حدٌ أو أن يفلح في تبيانها لفظٌ مهما كان بليغاً ... فإن الذي يذاق بالقلب يصعب وصفه باللسان ... و لا يفهم معنى كلامي هذا إلا من جرب و ذاق .. و من ذاق عرف!

و لئن كانت السعادة التي ينتهي إليها التاجر لا تتأتى إلا بعد معاناة ضغوط العمل و توترات الأعصاب التي تفرضها تقلبات السوق و الصداع الذي يجلبه إلحاح الدائنين و مراوغات المدينين ... فإن سعادة القيام التطوعي على شئون الناس هي سعادة سابقة و مرافقة و لاحقة للعمل ... و يتعاظم السرور فيها طردياً مع التعب ... حتى إذا ما رأى باذل وقته ثمرة جهده و هي ترتسم ابتسامات و علامات رضى على وجوه من يساعدهم فكأنه قد حيزت له الدنيا بما فيها في تلك اللحظة ...

بل علمتني الحياة ما هو أبعد من هذا و أكبر ... فلقد تواترت عندي الشواهد القطعية، و أثبتت لي كل التجارب العملية أنه "ما نقص وقت من تطوع" .. بل يزيد ببركة يطرحها الله فيه .... و أنني كلما قمت على حوائج شخصٍ واحدٍ .... أقام الله لي على شؤوني سبعة أشخاص يخدمني كل واحد منهم مائة خدمة والله يضاعف لمن يشاء ... و كأن التطوع هو زكاة الوقت كما أن للمال زكاته ...

علمتني الحياة أنني ممكن أن أربح بقيامي على شؤون الآخرين أضعاف ما أربح بقيامي على شؤون نفسي ... و لن يصدق كلامي إلا شخصٌ جرب كما جربت و لاحظ ما لاحظت ... أو آخرُ يعرف قليلاً من قوانين الأسواق و كثيراً من قوانين الحياة و سنن الكون و موازين الإيمان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق